مقتل الشيخ محمد عرفة رحمه الله على يد بلطجيه اسكندرية ورحيله في صمت
للأخ غريب أبو الحسنالحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فتقع منطقة المأوي بالقباري في غرب الإسكندرية، وتعد من أفقر المناطق في الإسكندرية، بل وفي مصر كلها!
عدِّد ما شئت من معاناة وألم، وعوز وحاجة... تجده ماثلاً أمامك في هذه المنطقة شديدة الفقر؛ أضف إلى ذلك: إهمال المسئولين لها؛ مما زاد معاناة أهل المنطقة.
- وهنا برز اسم الشيخ "محمد عرفة" -رحمه الله تعالى-، ابن الدعوة السلفية البار... اشتهر الشيخ "محمد عرفة" -رحمه الله تعالى- بالعمل الخيري والاجتماعي بمنطقة المأوي، يدخل السعادة على القلوب البائسة، والأمل في النفوس اليائسة، يمسح دمعة يتيم، ويسد حاجة ثكلى، يغيث ملهوف، ويصلح بين متخاصمين...
- دخلت محبة الشيخ "محمد عرفة" في قلوب أهل المأوي صالحهم وطالحهم؛ لما يرون من حرصه على بذل العون لمن يريده دون أن ينتظر من أحد جزاءً ولا شكورًا، وكيف لا يحبون من يعينهم على صلاح أخراهم، وعلى القرب من الله -سبحانه وتعالى-، وهو لا ينسى أن يعينهم على صلاح دنياهم؟!
- وفي الفترة الأخيرة ألمت بمنطقة المأوي مشكلة جديدة زادت من معاناة أهلها؛ فلقد أغلق المخبز الذي يغطي هذه المنطقة، وحار الناس واشتدت الأزمة... وكعادته سارع "محمد عرفة" -رحمه الله- في محاولة حل هذه الأزمة -فالخبز المدعم هو عصب حياة هذه المناطق الفقيرة-، فقام الشيخ "محمد عرفة" بالاتصال بالمعنيين حينما علم أن في الجوار من منطقة المأوي توجد منطقة اسمها: "الكارنتينة" هُجِّر منها سكانها إلى مساكن أخرى، وبقي بها مخبز آلي يعمل ويفيض إنتاجه عن حاجة من تبقى، واستطاع "محمد عرفة" أن يحصل على حصة من إنتاج هذا المخبز، وكان كل يوم يذهب ويحضر هذه الحصة ويوصلها لأهل منطقته -المأوي-، فسعد الناس بما فعله، وشكروا له صنيعه.
- ولم يدم الحال على ما هو عليه... فلقد كان يسكن إلى جوار المخبز في منطقة الكارنتينة امرأة تحمل الشر لمجتمعها، يكفي أن تعلم أنها مشهورة بـ"عايدة الحرامية!".
يكفي أن تعلم أنها أول امرأة تعتقل جنائيًّا في مصر!
يكفي أن تعلم أنها قد تجاوزت السبعين من عمرها، ولم ترتدع عن غيها!
يكفي أن تعرف أنها كانت تُستغل مِن قِبَل "الحزب الوطني"؛ لترويع النساء أيام الانتخابات... ناهيك عن إمبراطورية من الأبناء والصبيان، وقد اشتهرت في الحي بتجارة المخدرات، وحوادث السرقة بالإكراه، فلم يعجب "عايدة" أن تأخذ منطقة المأوي الحصة الزائدة من الخبز؛ فقد كانت تتحكم في المخبز تعطي مَن تشاء وتمنع من تشاء، ومنعت "عايدة" صاحب المخبز أن يعطي حصة للمأوي، فتدخل "محمد عرفة" مع المسئولين، ولكن يبدو أن للبلطجية دولة تنافس سلطة الدولة -وربما تزيد-!.
فلم يجد "محمد عرفة" بُدًا من أن يذهب لهذه المرأة يذكِّرها بالله، وأن ما تصنعه يغضب الله، وأنها تمنع الخبز عن الأطفال والنساء والفقراء، ولكن عبثًا؛ فاتصل "محمد عرفة" بمفتش التموين، وجعله يكلم عايدة، ولكنها سبت مفتش التموين ونهرته، وأسمعته أقذع الألفاظ، أخذ "محمد" الهاتف منها وقال لها: "لا تسبي أحدًا من هاتفي!".
وتطور الأمر... وجاء أحد أبنائها ومعه مطواة يريد ضرب الشيخ، أخذ الشيخ المطواة منه ونهره، ولكن سرعان ما عاد الشقي ومعه مجموعة من الأشقياء، ومعهم السنج والأسلحة النارية يريدون الفتك "بمحمد" الذي دخل مسجدًا مجاورًا؛ لعلهم أن يرتدعوا وأن يستحضروا حرمة المساجد، ولكن دون جدوى... !
دخلوا خلفه "بيت الله" وطعنوه! ودافع عن نفسه -رحمه الله- وأخذ سلاح أحدهم وطعنه به فأرداه قتيلاً، ولكن الأوغاد عاجلوا الشيخ "محمد عرفة" -رحمه الله- بإطلاق النار عليه فمات -رحمه الله-.
ولم يكتفِ الأشقياء بذلك، بل عمدوا للتمثيل بجثته فقطعوا يده، وهشموا رأسه، وأخرجوه خارج المسجد، ووضعوه أمام تلك العجوز المجرمة، فرقصت الشمطاء على جثته.
- لم تنتهِ القصة بعد... فسرعان ما علم أهل المأوي بخبر مقتل الشيخ "محمد عرفة" على يد "عايدة الحرامية" وأبنائها؛ فخرج أهل منطقة المأوي عن بكرة أبيهم "رجالهم ونساؤهم" يريدون الثأر لمقتل الشيخ النبيل صاحب الأيادي البيضاء، فأهل المأوي يعلمون أن الشيخ "محمد عرفة" لم يخرج ليتاجر أو لمصلحة شخصية، ولكن خرج لسد حاجتهم والتخفيف عنهم، خرجوا وقد اشتعلت في صدورهم النيران، وصلوا منطقة الكارنتينة وحاصروا بيوت وأكشاك عائلة "عايدة"، فاخرجوا مَن فيها وأشعلوا بها النار، ثم حاصروا مستشفى "مينا البصل" حتى يتربصوا بباقي البلطجية إذا جاءوا لأخذ جثة صاحبهم، ثم حاصروا قسم "مينا البصل"؛ لظنهم أن "عايدة" موجودة بداخله.
- فإلى متى ستظل إمبراطوريات البلطجة مزدهرة في بلادنا، فالبلطجية معلومون بأشخاصهم وأماكنهم وجرائمهم... فلماذا لا تتعامل معهم أجهزة الدولة وتدفع شرهم عن العباد؟!
وإلى متى هذا التراخي في تطهير البؤر الإجرامية؟!
وإلي متى يُترك الناس ليأخذوا ثأرهم بأنفسهم، ويُتركون لخوض الحروب لدفع عصابات البلطجة والإجرام؟!
- ومن عجيب ما حدث أن مَن منع أهل المأوي من إشعال منطقة الكارنتينة بأسرها هم "أبناء الدعوة السلفية"... بعد أن تأخرت سيارة المطافئ في الحضور!
ومَن منع أهل المأوي من البطش بباقي أهل الكارنتينة هم "أبناء الدعوة السلفية" بعد أن تأخرت الشرطة في الحضور، وحين حضرتْ حضرت على استحياء بعربة واحدة ترقب الأمر مِن بعيد!
ومَن فض محاصرة الأهالي لمستشفي مينا البصل هم "أبناء الدعوة السلفية" بعد أن دب الرعب في قلوب الأطباء من محاصرة الجموع الغائبة.
ومَن فض محاصرة أهل المأوي للقسم هم "أبناء الدعوة السلفية".
- وحينما تناولت وسائل الإعلام هذه الواقعة، كان العنوان: "مصرع سلفي بسبب الخلاف على الخبز!". "السلفيون يحاصرون قسم مينا البصل!".
فارق كبير بين تغطية وسائل الإعلام لكل ما يسيء لأبناء التيار السلفي وبين آلاف الصفحات المشرقة لأبناء التيار السلفي، فإذا أخطأ سلفي خطأ أُفردت له الصفحات وبرامج "التوك شو"، وظل خبر هذا السلفي مقررًا يوميًّا على تلك الصحف والبرامج! وإذا أحسن سلفي جعلوا إحسانه خطأ، وكبُر عليهم أن ينقلوا الخبر بإنصاف!
وفرق بين من يتاجر بآلام الناس في برامج "التوك شو"، وبين من يبذل الوقت والمال والجهد في التخفيف عنهم.
- يعجب الليبراليون من ثقة الشعب في الإسلاميين -"وفي السلفيين على وجه الخصوص"-، ونحن نعجب من عجب الليبراليين، فالسلفيون اعتادوا على العمل التطوعي الذي يبتغون به وجه الله والدار الآخرة، سعادتهم في خدمة إخوانهم والتخفيف من معاناتهم، وفي الإصلاح بين متشاحنيهم، يفعلون هذا من عشرات السنين، وهم ماضون فيه -بإذن الله-.
وقد ذكرني رحيل "محمد عرفة" -رحمه الله- بأحبة سبقوه بين يدي الله -سبحانه وتعالى-... تذكرتُ "حمادة صقر" -رحمه الله تعالى- حيث لقي ربه وهو يصلح بين عائلتين بعد تاريخ حافل بالسعي في مصالح المسلمين، وتذكرتُ "عبد الفتاح منجود وصاحبيه" حيث توفوا وهم في طريقهم لليبيا أثناء الثورة الليبية وهم يوصلون المساعدات لأهل بني غازي، رحمهم الله جميعًا... العاملين بلا صخب دون أن يشعر بهم أحد، الراحلين في صمت، المذكورين -بإذن الله- عند ربهم.
- فرحم الله الشيخ "محمد عرفة" رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وحفظ الله أولاده وزوجته مِن بعده
0 التعليقات:
إرسال تعليق